للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مسعود أنه قال: «من أفطر يومًا من رمضان من غير عذر ولا رخصة لم يجزِه صيام الدهر كله» (١) ونحوه عن أبي هريرة.

قلت: لكن يخرج مما تقدم من تعمد التقيؤ فإنه يقضي لأجل النص فيه كما مرَّ في موضعه، والله أعلم.

٢ - قضاء رمضان لا يجب على الفور:

قضاء الفوات من رمضان -بعذر شرعي- لا يجب على الفور، وإنما وجوبه على التراخي وجوبًا مُوسَّعًا، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان» (٢).

قال الحافظ في «الفتح» (٤/ ١٩١): وفي الحديث دلالة على جواز تأخير قضاء رمضان سواء كان [يعني التأخير] لعذر أو لغير عذر. اهـ.

لكن يستحب المبادرة بالقضاء، لعموم قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} (٣).

فائدة: إذا أخر القضاء حتى دخل رمضان الذي بعده: فإنه يصوم رمضان الذي ورد عليه -كما أُمر- فإذا أفطر في شوال قضى الأيام التي كانت عليه فقط ولا مزيد على هذا، فلا يجب عليه إطعام ولا غيره، لعدم ثبوت شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وهذا مذهب أبي حنيفة وابن حزم، وهو الراجح وقال مالك: يطعم في القضاء عن كل يوم مُدًّا مُدًّا عددها مساكين إن تعمد ترك القضاء وهو قول الشافعي (٤).

٣ - لا يجب التتابع في القضاء:

لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٥). وقال ابن عباس: «لا بأس أن يفرق» (٦)،


(١) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٩٧٨٤).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (١٩٥٠)، ومسلم (١١٤٦).
(٣) سورة المؤمنون: ٦١.
(٤) «المحلى» (٦/ ٢٦٠، ٢٦١)، وانظر «المجموع» (٦/ ٤١٢).
(٥) سورة البقرة: ١٨٤.
(٦) إسناده صحيح: علَّقه البخاري، ووصله عبد الرزاق (٤/ ٤٣)، والدارقطني (٢/ ١٩٢)، والبيهقي (٤/ ٢٥٨) بسند صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>