للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيها، وقد ذكرها الله تعالى في قوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (١). فهذا نص على أن للحج أوقاتًا منصوصة، فلا يحل الإحرام به إلا في أشهر الحج، وقال تعالى: {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (٢).

فإن أحرم بالحج قبل أشهره (٣): لم يصح منه، وهذا مذهب الصحابة رضي الله عنهم، وعن الشعبي وعطاء أنه يحل من إحرامه.

وقال الأوزاعي والشافعي: تصير عمرة ولابدَّ، وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: يكره ذلك ويلزمه إن أحرم به قبل أشهر الحج.

والصواب أنه لا يصح بحال للآية الكريمة، وأما أنها تنعقد عمرة، ففيه نظر، إذ كيف نبطل عمله الذي دخل لأجل أنه خالف الحق، ثم نلزمه بذلك العمل عمرة لم يُرِدها قط ولا قصدها ولا نواها و «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (٤)؟! فهذا كمن أحرم بصلاة قبل وقتها فإنها تبطل، ومن نوى صيامًا قبل وقته فهو باطل.

وأشهر الحج: هي شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة -اتفاقًا- ثم حصل الخلاف في يوم النحر وبقية ذي الحجة، فصارت الأقوال في أشهر الحج ثلاثة:

١ - أنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، وهو مذهب الحنفية والحنابلة وهو مروي عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وجماعة من السلف (٥).

٢ - أنها شوال، وذو القعدة، وتسع من ذي الحجة فلا يدخل يوم النحر في أشهر الحج، وهو مذهب الشافعية (٦)، وحجتهم قوله تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} (٧). ولا يمكن فرضه [أي الإحرام به] بعد ليلة النحر.


(١) سورة البقرة: ١٩٧.
(٢) سورة الطلاق: ١.
(٣) «المحلى» (٧/ ٦٥ - ٦٦)، و «المجموع» (٧/ ١٢٨) وما بعدها.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري، ومسلم (١٩٠٧) وغيرهما.
(٥) «شرح فتح القدير» (٢/ ٢٢٠)، و «المغنى» (٣/ ٢٧٥).
(٦) «المجموع» (٧/ ١٣٥)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ٢٥٦).
(٧) سورة البقرة: ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>