للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفع منه قبل الغروب: فذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد (١) إلى أن حجَّه صحيح وعليه دم يجبر ما نقص من جمع جزء من الليل إلى النهار في الوقوف.

وفي رواية عن الشافعي: لا يجب عليه دم، وبه قال أهل الظاهر (٢)، وهو الراجح مع قولنا بالوجوب وذهب مالك إلى أن حجه لا يصح حتى يجمع بين الليل والنهار في وقوقه (٣)، وحجته حديث ابن عمر قال: «من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج، ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج، فليتحلل بعمرة، وعليه الحج من قابل» (٤).

وقد أجيب عن الحديث بأنه إنما خص الليل لأن الفوات يتعلق به، وغاية ما يدلُّ عليه أن:

٣ - القدر المجزئ للوقوف أن يقف جزءًا من الليل قبل الفجر -ولو لحظة- فإن طلع الفجر قبل وقوفه فاته الحج، وقد دلَّ على هذا أيضًا حديث عروة بن مضرس المتقدم، والله أعلم.

سنن وآداب الوقوف بعرفة والإفاضة منها:

١ - الوقوف عند الصخرات: يجوز للحاج أن يقف في أي مكان من عرفة، ويستحب أن يقف عند الصخرات المفترشات في أسفل جبل الرحمة، وهو الجبل الذي بوسط أرض عرفات، لما في حديث جابر: «.. حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه ..» قال النووي: فهذا هو الموقف المستحب، وأما ما اشتهر بين العوام من الأغنياء بصعود الجبل، وتوهمهم أنه لا يصح الوقوف إلا فيه فغلط.

٢، ٣ - استقبال القبلة ورفع اليدين بالدعاء: لما في حديث جابر: «واستقبل القبلة ...»، وقال صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء عرفة، وخير ما قلت أن والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» (٥) وقد رود عن النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء عرفة عدَّة صيغ لكن في أسانيدها لين (٦).


(١) «البدائع» (٣/ ١٠٩٨)، و «المجموع» (٨/ ١٢٣)، و «المغنى» (٣/ ٣٧٠).
(٢) «المحلى» (٧/ ١١٨).
(٣) «المدونة» (١/ ٤١٣)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٧٥).
(٤) صحيح مرفوعًا: أخرجه مالك في «الموطأ» (٨٨٦ موقوفًا)، والدارقطني (٢/ ٢٤١) مرفوعًا.
(٥) حسن: أخرجه الترمذي (٣٥٨٥)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٦٩)، وانظر «الصحيحة» (١٥٠٣).
(٦) انظر «زاد المعاد» (٢/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>