للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفة الحصيات:

يستحب أن تكون الحصيات التي يرمى بها مثل حصى الخذف، والمراد أنها قدر حب الباقلاء (الفول) وقيل: تكون أكبر من الحمص ودون البندق:

ففي حديث جابر: «... ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات، يكبِّر مع كل حصاة منها، مثل حصى الخذف ...» وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ان يلتقط له حصى الجمار فالتقط له سبع حصيات من حصى الخذف، فجعل ينفضهنَّ في كفه وقال: «بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» (١) فماذا يقال فيما يفعله بعض الجهال من رميهم الجمرات بالنعال؟! أصلح الله شأن المسلمين وعرفهم بسنة نبيهم الكريم، هذه هي السنة.

من أين تُلتقط الحصيات؟

يجوز للحاج أن يلتقط الحصى من حيث شاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد لذلك مكانًا كما في حديث ابن عباس السابق، وبه قال أحمد وعطاء واختاره ابن المنذر وابن تيمية رحمهم الله.

واستحب الشافعي (٢) أن يأخذها من مزدلفة، وهو مروي عن ابن عمر وسعيد ابن جبير، قلت: لكن لا يخفى ما فيه من التكلف والمشقة، وفي الأمر سعة.

هل يجوز الرمي بحصى رمى به قبل؟

ذهب الجمهور إلى جواز الرمي بحصى رمى به من قبل مع الكراهة، وذهب ابن حزم إلى الجواز من غير كراهة، وقال (٣) -رحمه الله-: أما رميه بحصى قد رمى به فلأنه لم ينه عن ذلك قرآن ولا سنة، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، فإن قيل: قد رُوى عن ابن عباس «أن حصى الجمار ما تقبل منه رفع، وما لم يتقبل منه ترك، ولولا ذلك لكان هضابًا تسدُّ الطريق» قلنا: نعم، فكان ماذا؟ وإن لم يتقبل رمي هذه الحصا من عمرو فسيُقبل من زيد، وقد يتصدق المرء بصدقة فلا يقبلها الله تعالى منه، ثم يملك تلك العين آخر فيتصدق بها فتقبل منه. اهـ.


(١) صحيح: أخرجه النسائي (٥/ ٢٦٨)، وابن ماجه (٣٠٢٩)، وأحمد (١/ ٢١٥، ٣٤٧).
(٢) «المجموع» (٨/ ١٥٥).
(٣) «المحلى» (٧/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>