للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأعاد من آخر نومة يعني أن هذا الذي شك في شيء رآه في جسده أو ثوبه، هل مني أو غيره؟ إذا حكمنا عليه بوجوب الاغتسال فإنه يعيد ما صلى من آخر نومة نامها في هذا الثوب، وهذا الذي مشى عليه المصنف هو قول الموطإ: من وجد في ثوبه احتلاما، وقد بات فيه ليالي أنه لا يعيد إلا من آخر نومة. كتحققه يعني أن من رأى شيئا في جسده أو في ثوبه، وتحقق كونه منيا وشك في وقت حصوله، فإنه يغتسل وجوبا ويعيد ما صلى من آخر نومة نامها فيه ما لم يلبسه غيره ممن يمني، وإلا ندب. وهذا القيد في المسألتين مخالف لقول البرزلي: لو نام شخصان تحت لحاف ثم وجدا منيا عزاه كل منهما لصاحبه، فإن كانا غير زوجين اغتسلا وصليا من أول ما ناما فيه لتطرق الشك إليهما معا، فلا يبرآن إلا بيقين، وإن كانا زوجين اغتسل الزوج وحده؛ لأن الغالب أن الزوجة لا يخرج منها ذلك. انتهى. وقال الشيخ عبد الباقي: وشك المرأة في وقت حيض رأته في ثوبها كشكها في الجنابة، فتغتسل وتعيد الصوم أيام عادتها من أول يوم صامت فيه مطلقا، وكذا الصلاة إن لبسته ولم تنزعه أصلا فتعيدها من أول يوم لبسته، كما نقله ابن عرفة عن ابن القاسم، فإن لبسته وكانت تنزعه فتعيده من آخر نومة. والفرق بين الصوم والصلاة في هذه الحالة الأخيرة أنها إن كانت [مما] (١) قبل حائضا فالصلاة ساقطة عنها أولا فقد صلتها، والصوم يجب عليها قضاؤه. قاله بعض الشراح. لكنه أطلق في أنها تعيد الصلاة من آخر نومة، والصواب تقييده بما إذا كانت تنزعه، فإن لم تنزعه أعادت من أول نومة عند ابن القاسم كما مر، وإنما أعادت هذه من أول نومة، ومن وجد منيا في ثوبه الذي لا ينزعه يعيد من آخر نومة؛ لأن الحيض ربما يحصل ممن لا يشعر به بخلاف المني، ومحل قضاء صوم أيام عادتها من الحيض دون غيرها حيث لم تصم المدة بنية واحدة، فإن صامتها كذلك وجب عليها قضاء ما صامته لبطلان النية بانقطاع التتابع بالحيض. ومحله أيضا إذا كان الدم الذي رأته يمكن حصوله في أيام عادتها فإن كان يسيرا بحيث لا يحصل إلا في يوم واحد، قضت يوما واحدا. وكذا يقال في سقوط صلاة أيام عادتها، وعلى هذا فلا يخالف ذلك ما ذكره صاحب الوجيز من قوله في ثلاث جوار لبسن ثوبا


(١) في عبد الباقي ج ١ ص ١٠٠ فيما قبل.