للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لحديث "الحياء من الإيمان" (١).

"إنما كان الحياء - وهو في الأكثر غريزة - من الإيمان الذي هو اكتساب؛ لأن الحياء يمنع من المعصية، كما يمنع الإيمان منه" (٢).

وعند شرحه لحديث: "الطُّهُور شطرُ الإيمان" (٣). قال: "يحتمل هذا الحديث وجهين: أحدهما: أن يكون المراد بقوله "شطر الإيمان" أي أنه ينتهي تضعيف الأجر فيه إلى أجر الإيمان من غير تضعيف، وهذا كأحد التأويلات في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن قل هو الله أحد تعدلُ ثُلُث القُرآن" (٤). والوجه الثاني: أن يكون معنى شطر الإيمان: أن الإيمان يَجُبُّ ما قبله من الآثار، وقد أخبر - عليه السلام - أن الوضوء أيضًا تذهب عن الإنسان به الخطايا؛ إلَّا أنه قد قام الدليل أن الوضوء لا يصح الانتفاع به، إلَّا مع مضامة الإيمان له، فكأنه لم يحصل به رفع الإثم إلَّا مع شيء ثان. ولما كان الإيمان يمحو الآثام المتقدمة عليه بانفراده صار الطهور في التشبيه كأنه على الشطر منه" (٥).

ولا شك أن المذهب الحق ما قاله جماهير العلماء من أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعملٌ بالجوارح.

قال البغوي: "اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان ... وقالوا إن الإيمان قولٌ وعملٌ


(١) رواه البخاري في كتاب الإيمان باب الحياء من الإيمان ح (١٢٤، ١/ ٩٣). ومسلم في كتاب الإيمان باب عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء، وكونه من الإيمان ح (٣٦، ٢/ ٣٦٤).
(٢) المعلم (١/ ١٩٦).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة باب فضل الوضوء ح/ ٢٢٣، (٣/ ١٠١).
(٤) رواه ابن ماجة في كتاب الأدب باب ثواب القرآن، والترمذي في أبواب فضائل القرآن باب ما جاء في سورة الإخلاص، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (٢/ ٣١٦).
(٥) المعلم (١/ ٢٣٢).

<<  <   >  >>