للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن إطلاق الكفر على أحد منهم، بل سموهم المؤمنين والمسلمين، وأجروا عليهم أحكام الإيمان والإسلام؛ ولأن البراهين التي حررها المتكلمون ورتبها الجدليون إنما أحدثها المتأخرون ولم يخض في شيء من تلك الأساليب السلف الماضون فمن المحال والهذيان أن يشترط في صحة الإيمان ما لم يكن معروفًا ولا معمولًا به لأهل ذلك الزمان، وهم من هم فهمًا عن الله وأخذًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتبليغًا لشريعته وبيانًا لسُنَّته وطريقته" (١).

وبيَّن في موضعٍ آخر فساد ما ذهبوا إليه، وخطورة ما يترتب عليه، فقال: "ولو لم يكن في الكلام شيءٌ يُذَمُّ به إلَّا مسألتان، هما من مبادئه، لكان حقيقًا بالذم، وجديرًا بالترك.

إحداهما: قول طائفة منهم: إن أول الواجبات الشك في الله تعالى.

والثانية: قول جماعة منهم: إن من لم يعرف الله تعالى بالطرق التي طرقوها، والأبحاث التي حرروها فلا يصح إيمانه وهو كافر.

فيلزمهم على هذا تكفير أكثر المسلمين، من السلف الماضين، وأئمة المسلمين، وأن من يبدأ بتكفيره أباه وأسلافه، وجيرانه، وقد أُورد على بعضهم هذا فقال: لا يُشَنَّع علي بكثرة أهل النار ... ومن شك في تكفير من قال: إن الشك في الله تعالى واجب، وأن معظم الصحابة والمسلمين كفار، فهو كافر شرعًا، أو مختل العقل، وضعًا إذ كل واحدة منها معلومة الفساد بالضرورة الشرعية، الحاصلة بالأخبار المتواترة القطعية، وإن لم يكن كذلك، فلا ضروري يصار إليه في الشرعيات ولا العقليات" (٢).

ولا شك أن من ذهب إلى هذا القول ليس له حجة في ذلك، وما


(١) المفهم (١/ ١٤٥).
(٢) المفهم (٦/ ٦٩٣).

<<  <   >  >>