للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إدراكه آفة وتغيير من قبل الأبوين وغيرهما" (١).

فذكره الأقوال السابقة، والرد عليها، ثم ذكر تفسير الفطرة بالإسلام، ووجه ذلك، وعدم إعقابه بالرد يدل على اختياره لهذا القول.

وقد وجَّه أيضًا الحديث القدسي الذي قال فيه الله تعالى فيما يرويه عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كُلُّكم ضالٌّ إلَّا من هديتُهُ" (٢) فقال: "ظاهره أن الناس على الضلال يخلقون إلَّا من هداه سبحانه، وقد ذكر في الحديث الآخر أنهم على الفطرة يولدون وقد يراد بهذا هاهُنا وصفهم بما كانوا عليه قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو أنهم إن تركوا وما في طباعهم من إيثار الراحة وإهمال النظر ضلوا إلَّا من هداه الله سبحانه" (٣).

وقد جمع القرطبي بين الحديثين، وبيَّن أنه لا تعارض بينها، فقال: "لا معارضة بين قوله تعالى: "كلكم ضال إلَّا من هديته" وبين قوله: "كل مولود يولد على الفطرة"؛ لأن هذا الضلال المقصود في هذا الحديث هو الطارئ على الفطرة الأولى المغير لها الذي بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتمثيل في بقية الخبر حيث قال: "كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء"" (٤).

ب- دليل الخلق:

إن المتأمل في هذا الكون العظيم الصنع في أجرامه السماوية ومخلوقاته الأرضية في الليل والنهار في سائر الكائنات والمخلوقات وما تدل عليه من بديع الصنع، وقمة الإعجاز، فهي آيات باهرة ودلالات


(١) المعلم (٣/ ١٧٩).
(٢) رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب تحريم الظلم ح (٢٥٧٧) (١٦/ ٣٦٨).
(٣) المعلم (٣/ ١٦٥).
(٤) المفهم (٦/ ٥٥٢).

<<  <   >  >>