للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير عدوى" (١).

ووجدت للمازري كلامًا في هذا الدليل ذهب فيه إلى قريب مما ذكره القرطبي حيث قال في شرحه للحديث السابق: "أمره عليه السلام لهم عند وجود ذلك أن يقول: "آمنت بالله": فإن ظاهره أنه أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها، والرد لها من غير استدلال ولا نظر في إبطالها والذي يقال في هذا المعنى: إن الخواطر على قسمين: فأما التي ليست بمستقره ولا اجتلبتها شبهة طرأت، فهي التي تدفع بالإعراض عنها، وعلى هذا يحمل الحديث وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة، فكأنه لما كان أمرًا طارئًا على غير أصل دفع بغير نظر في دليل إذ لا أصل له ينظر فيه، وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فإنها لا تدفع إلَّا باستدلال ونظر في إبطالها، ومن هذا المعنى حديث: "لا عدوى" مع قول الأعرابي: فما بال الإبل الصحاح تجرب بدخول الجمل الأجرب فيها، وعلم -صلى الله عليه وسلم- أنه اغتر بهذا المحسوس وأن الشبهة قدحت في نفسه فأزالها عليه السلام من نفسه بالدليل فقال له: "فمن أعدى الأول" (٢). ثم فصَّل في شرح كيفية ذلك كما فعل القرطبي.

جـ دليل المعجزة:

إن المعجزات التي يجريها الله تعالى تأييدًا لرسله عليهم الصلاة والسلام وتصديقًا لهم، هي من دلائل ربوبيته وإثبات وحدانيته. ذلك أنه إذا ثبتت نبوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بحصول المعجزة، وجب تصديقه في كل ما يخبر به، والاستجابة لكل ما يدعو إليه، وأعظم ذلك إثبات ربوبية الله تعالى ووحدانيته والدعوة إلى توحيده.


(١) المفهم (١/ ٣٤٥).
(٢) المعلم (١/ ٢١٠).

<<  <   >  >>