للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو ما قلناه من أن الزيادة والنقصان يرجعان إلى المَلَك" (١).

وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى هذه المسألة وذكر أن فيها خلافًا بين الأشعرية والحنفية "الماتريدية" حيث قال: "قد اشتهر الخلاف في ذلك بين الأشعرية والحنفية، وتمسَّك الأشاعرة بمثل هذا الحديث (٢)، وتمسك الحنفية بمثل قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} (٣) وأكثر كل من الفريقين الاحتجاج لقوله، والحق أن النزاع لفظي، وأن الذي سبق في علم الله لا يتغير ولا يتبدل، وأن الذي يجوز عليه التغير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل، ولا يبعد أن يتعلق ذلك بما في علم الحفظة الموكلين بالآدمي، فيقع فيه المحو والإثبات، كالزيادة في العمر والنقص، وأما ما في علم الله فلا محو فيه ولا إثبات، والعلم عند الله" (٤).

ونرى القرطبي والمازري لم يخرجا عما ذكره العلماء في هذه المسألة من صور الجمع بين هذه الأحاديث حيث ذكر العلماء أن الله قدَّر السبب والمسبب، فقدَّر أن هذا يصل رحمه فيزيد الله في عمره بهذا السبب، ولو لم يصل لما زاد.

وقال آخرون: الزيادة والنقصان تكون في الصحف التي في أيدي الملائكة، فالمكتوب غير المعلوم، فما علمه الله من نهاية العمر لا يتغير، وما كتبه قد يمحى ويثبت، وعلى هذا يحمل قول عمر -رضي الله عنه-


(١) المعلم (٣/ ١٨٤) بتصرف.
(٢) وهو حديث ابن مسعود رضي الله عنه في خلق الجنين وما يؤمر به الملك من كتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد. أخرجه البخاري في كتاب القدر باب (١) ح (٦٥٩٤) (١١/ ٤٨٦) ومسلم في كتابه القدر باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه ح (٢٦٤٣) (١٦/ ٤٢٩).
(٣) سورة الرعد، الآية: ٣٩.
(٤) فتح الباري (١١/ ٤٩٧).

<<  <   >  >>