للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي أشار إليه القرطبي وهو قوله: "اللهم إن كنت كتبتني من أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبت عليَّ الذنب والشقوة فامحني وأثبتني في أهل السعادة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب" (١).

ومن العلماء من قال: إن الزيادة والنقصان على سبيل المجاز، فيحمل على البركة في العمر والسعة في الرزق، والزيادة في العمل ونحوها (٢).

وقد ردَّ شيخ الإسلام على هذا القول فقال: "يُقال لهؤلاء تلك البركة وهي الزيادة في العمل والنفع هي أيضًا مقدَّرة مكتوبة، وتتناول لجميع الأشياء -ثم بيَّن شيخ الإسلام المذهب الصحيح في ذلك فقال: - والجواب المحقق: أن الله يكتب للعبد أجلًا في صحف الملائكة، فإذا وَصَلَ رَحِمَهُ زاد في ذلك المكتوب، وإن عمل ما يُوجب النقص نقص من ذلك المكتوب ... والله سبحانه عالم بما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، فهو يعلم ما كتبه له وما يزيده إياه بعد ذلك، والملائكة لا علم لهم إلَّا ما علَّمهم الله. والله يعلم الأشياء قبل كونها، وبعد كونها، فلهذا قال العلماء: إن المحو والإثبات في صحف الملائكة، وأما علم الله سبحانه فلا يختلف ولا يبدو له ما لم يكن عالمًا به، فلا محو فيه ولا إثبات" (٣).

وقال أيضًا: "الأجل أجلان: (أجلٌ مطلق) يعلمه الله (٤)، و (أجل مقيد)، وبهذا يتبين معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من سرَّه أن يُبْسَط له في رزقه، وأن


(١) تفسير الطبري (٧/ ٤٠١) وقد ذكر هذا القول عن ابن مسعود وغير واحد من الصحابة.
(٢) وقد ذكر القرطبي هذا القول، وقال به أيضا ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (٢٣٨) والنووي في شرحه لصحيح مسلم (١٦/ ٣٤٩) والقاضي عياض في إكمال المعلم (٨/ ٢١) وغيرهم.
(٣) الفتاوى (١٤/ ٤٩٠).
(٤) أي يعلمه الله وحده.

<<  <   >  >>