للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الكسب الذي أثبته هؤلاء لا حقيقة له، وقد قيل ثلاثة لا حقيقة لها: طفرة النطام، وأحوال أبي هاشم، وكسب الأشعري (١).

والقرطبي والمازري على مذهب الأشاعرة في أفعال العباد إذ أثبتوا أن الله سبحانه وتعالى خالق أفعال العباد وأن للعبد قدرة غير مؤثرة، وسموا ذلك كسبًا.

قال القرطبي: "إن عدم الاستقلال بإيجاد الأعمال لا يناقض خطاب التكليف بها إقدامًا عليها، وإحجامًا عنها، فنحن -وإن كنا نعلم أنَّا لا نستقل بأفعالنا- نحس بوجدان الفرق بين الحركة الضرورية والاختيارية، وتلك التفرقة راجعة إلى تمكن محسوس، وتأتٍّ معتاد، يوجد مع الاختيارية، ويفقد مع الضرورية، وذلك هو المعبر عنه بالكسب، وهو مورد التكليف، فلا تناقض ولا تعنيف" (٢).

وقال أيضًا: قوله: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (٣) دليلٌ على صحة إطلاق أئمتنا على أفعال العباد: كسبًا واكتسابًا، ولذلك لم يطلقوا على ذلك: لا خلق ولا خالق، خلافًا لمن أطلق ذلك من مجترئة المبتدعة، ومن أطلق من أئمتنا على العبد فاعل، فالمجاز المحض كما يعرف في علم الكلام" (٤).

وقال المازري: "الإنسان عندنا مكتسب لفعله، لا مجبور عليه، وتحقيق القول في الكسب يتسع، وموضعه كتب الأصول ولا يبعد في


= للمحمود ص (٢٠٩).
(١) الفتاوى لابن تيمية (٨/ ١٢٨)
(٢) المفهم (٦/ ٥٥٤).
(٣) سورة البقرة، آية: ٢٨٦.
(٤) المفهم (٧/ ٣٢٢).

<<  <   >  >>