للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من حدَّت له حدود، ورسمت له مراسم، فمتى تعداها كان ظالمًا، والله تعالى هو الذي حدَّ الحدود، ورسم الرسوم، إذ لا حاكم فوقه، ولا حاجز عليه، ولا يجب عليه حكم، ولا يترتب عليه حق، ولا يتصور الظلم في حقه" (١).

وقال أيضًا: "الظلم لا يتصور من الله تعالى، فإن الكل خلقه وملكه، لا حجر عليه ولا حكم، فلا يتصور في حقه الظلم لاستحالة شرطه" (٢).

وبيَّن أنَّ لله تعالى أن يعذب من غير تكليف، كالصبي والمجنون، ولا يكون ظالمًا، موافقًا للأشاعرة فيما ذهبوا إليه، حيث قال: ثم لله تعالى أن يعذب من شاء ابتداءً من غير تكليف، من صبي أو مجنون، أو غير ذلك، بحكم المالكية، وأنه لا حجر عليه، ولا حكم، فلا يكون ظالمًا بشيء من ذلك إن فعله" (٣).

وكذلك المازري أخذ بهذا القول موافقًا عامة الأشاعرة على ذلك حيث قال: الظلم مستحيل منه سبحانه وتعالى جده؛ لأنه إنما يكون إذا تعديت الحدود وتجوَّزت المراسم، والباري جلَّت قدرته ليس فوقه أحد يحد له حدًّا، أو يرسم له رسمًا، حتى يكون متجاوزًا لذلك ظالمًا، ولا فوقه من يستحق أن يطيعه حتى يحلل له الحلال ويحرِّم عليه الحرام، ولكن تحريم الشيء يقتضي المنع منه، والكف عنه، فسمي الباري سبحانه تقدسه عن الظلم بهذا اللفظ، فقال "حرَّمت على نفسي"" (٤).


(١) المفهم (٦/ ٥٥٢).
(٢) المفهم (٦/ ٦٦٢).
(٣) المفهم (٦/ ٦٧٨). وانظر أيضًا (٦/ ٢١٢).
(٤) المعلم (٣/ ١٦٥) وانظر أيضًا (٣/ ١٩٨، ١٩٩).

<<  <   >  >>