للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصحيح في هذه المسألة ما عليه عامة أهل السنة وهو أن حقيقة

الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وهذا الذي حرَّمه الله على نفسه مثل

أن يترك حسنات المحسن، فلا يجازيه عليها، أو يعاقب البريء على ما لم

يفعل من السيئات، ونحو ذلك من الأفعال التي يُنزَّه عنها الرب -سبحانه

وتعالى- لقسطه وعدله، وهو قادر عليها، وإنما استحق الحمد والثناء؛

لأنه ترك هذا الظلم وهو قادر عليه، وكما أن الله منزِّه عن صفات النقص

والعيب فهو أيضًا منزه عن أفعال النقص والعيب (١).

المطلب التاسع: الواجب على الله تعالى:

خالف المعتزلة جماهير المسلمين في مسألة وجوب شيء على الله

تعالى، وذلك بناءً على قولهم بالتحسين والتقبيح العقليين حيث أوجبوا

على الله أمورًا وحرموا عليه أخرى بمحض عقولهم قياسًا لله تعالى على

عباده. حيث أوجبوا عليه رعاية مصالح العباد وثوابهم على الطاعة،

ومعاقبتهم على المعصية وسموا ذلك عدلًا (٢).

وجماهير المسلمين من أهل السنة وغيرهم قالوا: لا يجب على الله

شيء، بل له أن يفعل مايشاء ويحكم مايريد.

وقال ابن القيم -رحمه الله- في النونية:

ماللعباد عليه حق واجب ... هو أوجب الأجر العظيم الشان

كلا ولاعمل لديه ضائع ... إن كان بالإخلاص والإحسان

إن عذبوا فبعد له أونعموا ... فبفضله والحمد للمنان (٣)


(١) انظر الفتاوى لابن تيمية (١٨/ ١٤٥)، مفتاح دار السعادة لابن القيم (٢/ ١٠٧)، القضاء والقدر للمحمود ص (١٨٨).
(٢) الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٤٥)، والفتاوى لابن تيمية (٨/ ٩١).
(٣) القصيدة النونية المسماة "الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية"، مع شرحها للشيخ=

<<  <   >  >>