للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي لا يُستغنى عنه، وكأن هذا نص في الرد على أهل البدع والمعتزلة في قولهم في قاعدة التحسين والتقبيح والاستحقاق العقليين" (١).

وصرَّح في موضع آخر "أن الحسن والقبح لا يعرفان إلَّا من قبل الشرع، فما حسنه بالثناء عليه، فهو حسن، وما قبحه بالذم عليه فهو القبيح" (٢).

وهذا القول نقله الحافظ ابن حجر وارتضاه (٣).

والمازري ورد عنه ما يشير إلى أخذه بهذا القول إذ رد على المعتزلة قولهم في التحسين والتقبيح، فحاصله الأخذ بالرأي المقابل لهم،


= في شفاء العليل أنَّ هذا مذهب الجبرية حيث قال: وسلكت الجبرية وادي الجبر وطريق المشيئة المحضة ... قالوا ولما كان الأمر راجعًا إلى محض المشيئة لم تكن الأعمال سببًا للنجاة فكانت رحمته للعباد هي المستقلة بنجاتهم لا أعمالهم فكانت رحمته خيرًا من أعمالهم وهؤلاء راعوا جانب الملك وعطلوا جانب الحمد ولله سبحانه له الملك وله الحمد. شفاء العليل (١/ ٢٤٤). وقول القرطبي السابق مبالغة في مخالفة المعتزلة وإلَّا فالله تعالى جعل الأعمال من الأسباب الموصلة إلى الجنة فعلق الجزاء على الأعمال وهو ما قرره القرطبي في موضع آخر من المفهم حيث قال: لم يجعل الله التمسك بسابق القدر حجة للمقصرين ولا عذرًا للمعتذرين وعلق الجزاء على الأعمال وجعلها له سببًا فقال تعالى: {وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الجاثية/ ٢٢] وبـ {مَا عَمِلَتْ} [النحل: ١١١]، وقال في أهل الجنة {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)} [السجدة/ ١٧]، وقال في أهل النار: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (٢٨)} [فصلت/ ٢٨]، وقال: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١)} [النجم/ ٣١]، وقال على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-: "يا عبادي إنما هي أعمالكم أردها عليكم فمن وجد خيرًا فليحمدالله ومن وجد الأخرى فلا يلومن إلَّا نفسه". سبق تخريجه ص (٢٠٦). المفهم (٦/ ٦٦٤).
(١) المفهم (٧/ ١٣٩).
(٢) انظر: المرجع السابق (٧/ ١٣٩).
(٣) انظر: فتح الباري (١/ ٢٦٧).

<<  <   >  >>