للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها للمؤمن، ولذا قال بعض السلف: لو وزن رجاء المؤمن وخوفه لاعتدلا، إلَّا أن الخوف أولى بالمسمى، لكن بحيث لا يقنط من رحمة الله، والرجاء أولى بالمحسن لكن بحيث لا يفتر فيكسل عن الاجتهاد في عبادة الله" (١).

٣ - التوكل:

التوكل على الله من أصول العبادة التي لا يتم توحيد العبد لله إلَّا بها، وقد جاءت النصوص في الدعوة إليه والحث عليه. قال تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} (٢)، وقال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٦٠)} (٣)، وقال تعالى في وصف المؤمنين الصادقين: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)} (٤).

وقد عرَّف القرطبي -رحمه الله- التوكل، وبيَّن من يستحق أن يطلق عليه هذا الوصف فقال: "التوكل لغة: هو إظهار العجز عن أمر ما، والاعتماد فيه على الغير، والاسم: التكلان يقال منه: اتكلت عليه في أمري وأصله: إوتكلت: قلبت الواو تاءً لانكسار ما قبلها، ثم أبدل منها التاء وأدغمت في تاء الافتعال ويقال: وكَّلته بأمر كذا توكيلًا، والاسم: الوكالة بكسر الواو وفتحها.

واختلف العلماء في التوكل، وفيمن يستحق "اسم المتوكل على الله"، فقالت طائفة من المتصوفة: لا يستحقه إلَّا من لم يخالط قلبه خوف


(١) المفهم (٧/ ٣٥٨).
(٢) سورة هود، الآية ١٢٣.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٦٠.
(٤) سورة الأنفال، الآية: ٢.

<<  <   >  >>