للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير الله من سبع أو غيره، وحتى يترك السعي في طلب الرزق لضمان الله تعالى، وقال عامة الفقهاء: إن التوكل على الله هو الثقة بالله، والإيقان بأن قضاءه ماض، واتباع سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- في السعي فيما لابد، منه من الأسباب من مطعم ومشرب وتحرز من عدو وإعداد الأسلحة، واستعمال ما تقتضيه سنة الله تعالى المعتادة ... ثم المتوكلون على حالين:

الحال الأول: حال التمكن في التوكل، فلا يلتفت إلى شيء من تلك الأسباب بقلبه، ولا يتعاطاها إلَّا بحكم الأمر.

الحال الثاني: حال غير المتمكن، وهو الذي يقع له الالتفات إلى الأسباب أحيانًا، غير أنه يدفعها عن نفسه بالطرق العلمية، والبراهين القطعية" (١).

وهو وإن ذكر قول غلاة المتصوفة في التوكل الذين يدعون إلى ترك الأخذ بالأسباب، فقد رد عليهم فيما ذهبوا إليه وبين ضلال ما هم عليه فقال: "العمل بالأسباب المعتادة التي يرجى بها دفع مضرة أو جلب منفعة لا يقدح في التوكل خلافًا لما ذهب إليه جُهَّال المتوكلة" (٢).

وبيَّن أن الأخذ بالأسباب ملازم للتوكل على الله، لا ينفك عنه حيث قال: استعمل الحرص والاجتهاد في تحصيل ما تنتفع به في أمر دينك ودنياك التي تستعين بها على صيانة دينك وصيانة عيالك ومكارم أخلاقك، ولا تفرط في طلب ذلك، ولا تتعاجز عنه متكلًا على القدر، فتنسب للتقصير، وتلام على التفريط شرعًا وعادة، ومع إنهاء الاجتهاد نهايته، وإبلاغ الحرص غايته، فلابد من الاستعانة بالله والتوكل عليه،


(١) المفهم (١/ ٤٦٧/ ٤٦٨).
(٢) المفهم (٦/ ١٨٦).

<<  <   >  >>