للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا حلف بملة غير الإسلام، أو بشيء من المعبودات دون الله تعالى، أو ما كانت الجاهلية تحلف به كالدمى والدماء والأنصاب، فهذا لا يشك في تحريمه، وأما الحلف بالآباء والأشراف ورؤوس السلاطين وحياتهم ونعمهم وما شاكل ذلك، فظاهر هذا الحديث يتناولهم بحكم عمومه ولا ينبغي أن يختلف في تحريمه وأما ما كان معظمًا في الشرع مثل: النبي -صلى الله عليه وسلم- والكعبة والعرش والكرسي وحرمة الصالحين، فأصحابنا يطلقون على الحلف بها الكراهية وظاهر الحديث وما قدمناه من النظر في المعنى يقتضي التحريم" (١).

وما ذهب إليه القرطبي -رحمه الله- من تحريم ذلك كله والاقتصار على الحلف بالله تعالى هو الصحيح من كلام أهل العلم.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: والصواب الذي عليه عامة علماء المسلمين سلفهم وخلفهم أنه لا يحلف بمخلوق لا نبي ولا غير نبي، ولا مَلَكٍ من الملائكة، ولا مَلِكٍ من الملوك، ولا شيخ من الشيوخ، والنهي عن ذلك نهي تحريم عند أكثرهم، كمذهب أبي حنيفة وغيره، وهو أحد القولين في مذهب أحمد" (٢).

وأمَّا الحلف بالألفاظ المبهمة المراد بها اسم الله تعالى كقوله: "والذي نفسي بيده" وما شابهها من الألفاظ فهو جائز. قال القرطبي عنه: "هو قسم بالله تعالى، أي: والذي هو مالك نفسي، أو قادر عليها، ففيه دليل: على أن الحلف بالألفاظ المبهمة والمراد بها: اسم الله تعالى يمين جائزة حكمها حكم الأسماء الصريحة" (٣).


(١) المفهم (٤/ ٦٢١).
(٢) الفتاوى (٢٧/ ٣٤٩).
(٣) المفهم (٤/ ١٦٠).

<<  <   >  >>