للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن من حلف بغير الله تعالى بالآباء، أو الأصنام، أو غيرها، فهل عليه كفارة في ذلك، قال بذلك بعض أهل العلم، وقد بين القرطبي رأيه في هذه المسألة، ورجَّح عدم الكفارة فقال: قد تقرر أن اليمين بذلك -أي الطواغيت والآباء- محرم ومع ذلك فلا كفارة فيه، عند الجمهور لأجل الحلف بها، ولا لأجل الحنث فيها، أما الأول فلأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال: "من قال: واللات والعزى فليقل: لا إله إلَّا الله" (١) ولم يذكر كفارة ولو كانت لوجب تبيينها لتعين الحاجة لذلك وأما الثاني فليست بيمين منعقدة ولا مشروعة فيلزم بالحنث فيها الكفارة" (٢).

فالكفارة إذا هي قول لا إله إلَّا الله، وقد كان الحلف بها يجري على ألسنتهم من غير قصد، وذلك لما نشأوا عليه من تعظيم الأصنام والحلف بها.

قال القرطبي: "ولما نشأ القوم على تعظيم تلك الأصنام وعلى الحلف بها، وأنعم الله عليهم بالإسلام بقيت تلك الأسماء تجري على ألسنتهم من غير قصد للحلف بها، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- من نطق بذلك أن يقول بعده: لا إله إلَّا الله تكفيرًا لتلك اللفظة وتذكيرًا من الغفلة وإتمامًا للنعمة" (٣).

وإذا تبين حرمة الحلف بغير الله تعالى مطلقًا فقد يستشكل ما ورد من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "أفلح وأبيه إن صدق" (٤).


(١) رواه البخاري في كتاب التفسير باب {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} ح (٤٨٦٠) (٨/ ٤٧٨)، ومسلم في كتاب الأيمان، باب من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلَّا الله ح (١٦٤٧) (١١/ ١١٧).
(٢) المفهم (٤/ ٦٢٤).
(٣) المفهم (٤/ ٦٢٦).
(٤) رواه مسلم في كتاب الإيمان، بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام ح (١١) =

<<  <   >  >>