للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالإبل المريضة، ويعتقد أنها أمرضت إبله، فيأثم في هذا الاعتقاد، وقال آخرون: إنما ذلك للتأذي بمشاهدة المرضى، وما قد يكون فيها من رائحة تؤذي، وهو المراد بما وقع في بعض الأحاديث فإنه أذى، وقال بعض أصحابنا في هذا إن كانت مندوحة عن مخالطة من يتأذى كره للوارد وإلَّا فلا، وكذا في أهل الجذام، إذا تأذى الناس بمخالطتهم" (١).

وأما الحديث الذي يثبت الشؤم في ثلاثة فقال القرطبي عند شرحه لهذا الحديث: "قد تخيل بعض أهل العلم أن التطير بهذه الثلاثة مستثنى من قوله: "لا طيرة" (٢) وأنه مخصوص بها، فكأنه قال: لا طيرة إلَّا في هذه الثلاثة، فمن تشاءم بشيء منها نزل به ما كره من ذلك، وممن صار إلى هذا القول: ابن قتيبة، وعضد هذا بما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: "الطيرة على من تطير" (٣) وقال أبو عبد الله (٤): إن مالكًا أخذ بحديث الشؤم في الدار والفرس وحمله على ظاهره، ولم يتأوله، فذكر في كتاب الجامع من "العتبية" أنه قال: رب دار سكنها قوم فهلكوا وآخرون بعدهم فهلكوا، وأشار إلى حمل الحديث على ظاهره، ويعضد هذا حديث يحيى بن سعيد، قال: جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله دار سكناها والعدد كثير والمال وافر،


(١) المعلم (٣/ ١٠٣).
(٢) قوله -صلى الله عليه وسلم- "لا عدوى ولا طيرة وإنما الشؤم في ثلاثة ... " سبق تخريجه ص (٣٠٨).
(٣) رواه ابن حبان في صحيحه، كتاب العدوى والطيرة والفال، باب ذكر الخبر على أنَّ الطيرة تؤذي المتطير ح (٦١٢٣) (١٣/ ٤٩٢).
(٤) محمد بن أحمد العتبي القرطبي المالكي من فقهاء المالكية، له كتاب "العتبية" وهي المستخرجة من الأسمعة المسموعة من الإمام مالك رحمه الله توفي في سنة (٣٣٦). الديباج المذهب (٣٣٦). الأعلام (٥/ ٣٠٧).

<<  <   >  >>