للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مركب، فليس بصورة على الحقيقة، وأنت مثبت تسمية تفيد في اللغة معنى مستحيلًا عليه تعالى مع نفي ذلك المعنى، فلم تعط اللفظ حقه، ولم تجره على ظاهره، فإذا سلمت أنه ليس على ظاهره، فقد وافقت على افتقاره إلى التأويل، وهذا الذي نقول به، فإذا ثبت افتقاره إلى التأويل قلنا: اختلف الناس في تأويله، فمنهم: من أعاد الضمير إلى المضروب، وذكر أن في بعض طرق الحديث أنه سمع - صلى الله عليه وسلم - يقول: قبح الله وجهك، ووجه من أشبهك، أو نحو هذا، فقال - صلى الله عليه وسلم - ما قال، أما على هذه الرواية وهي شتم من أشبهه، فبيَّن وجه هذا التعليل؛ لأنه إذا شتم من أشبهه فكأنه شتم آدم وغيره من الأنبياء - عليهم السلام -، وقال آخرون: إن الضمير عائد على آدم نفسه، وعورض هؤلاء بأن هذا يجعل الكلام غثًا لغوًا لا فائدة تحته، وردوا على هذا الاعتراض بأن فيه فائدة وهو الرد على الطبائعيين الذين يعتقدون أن تصوير آدم كان على بعض تأثيرات النجوم، أو على الدهريين بقولهم: ليس ثم إنسان أول، إنما الإنسان من نطفة، والنطفة من إنسان، هكذا أبدًا إلى غير أول، أو على القدرية في قولهم: إن كثيرًا من أعراض آدم وصفاته خلق لآدم، ولكن لا يحسن مع ذكر سبب الحديث، وهو قوله: "إذا قاتل أحدكم أخاه ... " وقال آخرون: الضمير يعود إلى الله ويكون له وجهان: أحدهما أن يراد بالصورة الصفة، كما يقال: صورة فلان عند السلطان كذا، أي صفته، وذلك لصفات الكمال التي تميز بها آدم عليه السلام.

والثاني: أن تكون إضافة الصورة إضافة تشريف واختصاص كما قيل في الكعبة بيت الله، وقيل ناقة الله" (١).


(١) المعلم (٣/ ١٦٩) بتصرف.

<<  <   >  >>