للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالشرع والعقل" (١).

"وقد بيَّن أهل السنة أن إعادة الضمير في حديث "خلق الله آدم على صورته" على غير الله هو قول الجهمية، قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله -: من قال: إن الله خلق آدم على صورة آدم فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه" (٢).

قال شيخ الإسلام: "أما عود الضمير إلى غير الله فباطل من وجوه:

- ما في الصحيحين ابتداءً "أن الله خلق آدم على صورته طوله ستون ذراعًا" وفي أحاديث أخر: "إن الله خلق آدم على صورته" ولم يقدم ذكر أحد يعود الضمير إليه، وما ذكر بعضهم: من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يضرب رجلًا، ويقول: قبَّح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، فقال: "خلق الله آدم على صورته" أي صورة هذا المضروب، فهذا شيء لا أصل له، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث.

- أن الحديث الآخر لفظه: "إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته" وليس في هذا ذكر أحد يعود الضمير إليه.

- أنه في مثل هذا لا يصلح إفراد الضمير، فإن الله خلق آدم على صورة بنيه كلهم، فتخصيص واحد لم يتقدم له ذكر بأن الله خلق آدم على صورته في غاية البعد لاسيما وقوله: "إذا قاتل أحدكم" و "إذا ضرب أحدكم" عامٌّ في كل مضروب، والله خلق آدم على صورهم جميعًا، فلا معنى لإفراد الضمير.


(١) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (١/ ٥٥٨، ٥٦١) بتصرف وقد نقله من كتاب "نقض أساس التقديس" لابن تيمية (٢/ ٢٧٣، ٢٨٥).
(٢) إبطال التأويلات لأبي يعلى (١/ ٨٨).

<<  <   >  >>