المعجب من جهله، وإن في تلاوته عليه الصلاة والسلام للآية ردٌّ عليه، ووهَّم الراوي في قوله ضحك "تصديقًا له".
ولا شك أن طعنه في الراوي مما لا يسلَّم له، إذ في هذا طعن بالثقات الأثبات من الرواة، وردٌّ للأخبار الثابتة حرصًا على أصولهم الفاسدة، ولو كان الأمر على خلاف ما ظن الراوي لكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - مُقرًّا له على الباطل، وحاشاه - صلى الله عليه وسلم - من ذلك.
قال الإمام ابن خزيمة في رد هذا الرأي، وبيان فساده:"قد أجل الله قدر نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن أن يوصف الخالق البارئ بحضرته بما ليس من صفاته، فيسمعه فيضحك عنده ويجعل بدل وجوب النكير والغضب على المتكلم به ضحكًا تبدو نواجذه تصديقًا وتعجبًا لقائله. لا يصف النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الصفة مؤمن مصدق برسالته"(١).
ونعلم من وصفه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان شديد الغضب لله تعالى ومواقف إنكاره وغضبه - صلى الله عليه وسلم - إذا انتهكت محارم الله لا تخفى على مُطَّلع على سنته وسيرته.
ثم صرف القرطبي والمازري لهذا الحديث وللحديث الآخر بتأويلات باطلة بعيدة، كقولهم: إن هذا من المجاز والاستعارة الجارية مجرى المثل، أو إن المقصود بالإصبع: القدرة، أو النعمة، أو المقصود: خلق من خلق الله اسمه "إصبع" أو إصبع بعض خلقه، وغيرها من التأويلات التي يغني عرضها عن نقدها.
وهما قد ترددا في ذلك، وبحثا عن كل مخرج إلَّا الإثبات الذي عليه سلف الأمة وأتباعهم من الخلف.