للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفرَّق المازري في خرق العادة بين النبي والولي والساحر، إذ قال: "العادة تنخرق على يد النبي، وعلى يد الولي، وعلى يد الساحر، إلَّا أن النبي يتحدى بها، ويستعجز سائر الخلق، ويحكي عن الله سبحانه خرق العادة لتصديقه، فلو كان كاذبًا، لم تخرق العادة على يديه، ولو خرقها لأظهر على يد غيره من المعارضين له، مثل ما أظهر على يده. والولي والساحر لا يتحديان ولا يستعجزان الخليقة ليستدلوا على صدقهم وعلى نبوتهم، ولو حاولوا أشياء من ذلك لم تنخرق لهم العادة، أو تنخرق ولكنها تنخرق لمن يعارضهم وأما الولي والساحر، فإنهما يفترقان من طريق أخرى وهي أن الساحر يكون ذلك علمًا على فسقه وكفره، والولي لا يكون علمًا على ذلك اشيه فافترق حال الثلاثة بعضهم من بعض" (١).

وقال أيضًا: "إظهار المعجزة على يد الكذاب لا تصح فيقال: لم ظهرت على يد الدجال وهو كذاب؟ فيقال: لأنه يدعي الربوبية وأدلة الحدوث تحيل ما ادَّعاه وتكذبه. والنبي يدعي النبوة، وهي غير مستحيلة في البشر، وأتى بالدليل الذي لم يعارضه شيء فصدق" (٢).

وقال القرطبي في بيان أن مذهب أهل السنة إثبات الكرامات: "وقوع الكرامات للأولياء هو قول جمهور أهل السنة والعلماء لما وقع في الكتاب والسنة وأخبار صالحي هذه الأمة مما يدل على وقوعها وإنما محل الإنكار ادعاء وقوعها ممن ليس موصوفًا بشروطها، ولا هو أهل لها وادعاء كثرة وقوع ذلك دائمًا متكررًا حتى يلزم عليه، أن يرجع خرق العادة عادة وذلك إبطال لسنة الله وحسم السبل الموصولة إلى معرفة أنبياء الله


(١) المعلم (٣/ ٩٤).
(٢) المعلم (٣/ ٢١٤).

<<  <   >  >>