للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأخر، حتى ختمهم الله جلَّ وعلا بصفوة خلقه، وأفضل رسله، فجعل من خصائص هذا النبي الكريم أنه آخر الرسل، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى دارًا فأتمها وأكملها، إلَّا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون منها، ويقولون: لولا موضع اللبنة! فأنا موضع اللبنة جئت فختمتُ الأنبياء" (١).

قال القرطبي في شرح هذا الحديث: "مقصود هذا المثل أن يبين به - صلى الله عليه وسلم - أن الله ختم به النبيين والمرسلين، وتمم به ما سبق في علمه إظهاره من مكارم الأخلاق وشرائع الإسلام، فيه كَمُلَ النظام، وهو ختمُ الأنبياء والرسل الكرام صلى الله عليه وعلى آله أفضل صلاة وسلم عليه أبلغ سلام" (٢).

ولذا انقطعت النبوة بعده - صلى الله عليه وسلم - كما قال عليه السلام: "إنه لا نبي بعدي" (٣) قال القرطبي: "هذا النفي عام في الأنبياء والرسل؛ لأن الرسول نبي وزيادة، وقد جاء نصًّا في كتاب الترمذي قوله: "لا نبي بعدي ولا رسول" (٤) وقد قال الله تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (٥) ومن أسمائه في الكتب القديمة وفيما أطلقته هذه الأمة: خاتم الأنبياء، ومما سمى به نفسه: العاقب، والمقفي، فالعاقب: الذي يعقبُ الأنبياء،


(١) رواه البخاري في كتاب المناقب، باب خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - ح ٣٥٣٤ (٦/ ٦٤٥)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب ذكر كونه - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين ح ٢٢٨٧ (١٥/ ٥٧).
(٢) المفهم (٦/ ٨٨).
(٣) رواه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل ح ٣٤٥٥ (٦/ ٥٧١)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول ح ١٨٤٢ (١٢/ ٤٧٣).
(٤) رواه الترمذي في أبواب الرؤيا، باب ذهبت النبوة وبقيت المبشرات، وقال: حديث حسن صحيح غريب وصحح إسناده الألباني في صحيح سنن الترمذي (٢/ ٢٥٨).
(٥) سورة الأحزاب، الآية: ٤٠.

<<  <   >  >>