للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بدر: "والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم" وهو متفق عليه، وبما في معناه مثل قوله في الميت: "إنه ليسمع قرع النعال" وبالمعلوم من سؤال الملكين للميت في قبره وجوابه لهما إلى غير ذلك مما لا ينكر، فحديث ابن عمر صحيح النقل، وما تضمنه يقبله العقل، فلا طريق لتخطئته والله تعالى أعلم" (١).

وهذا القول هو الذي ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: "والنص الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدم على تأويل من تأول من أصحابه وغيرهم، وليس في القرآن ما ينفي ذلك، فإن قوله: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} (٢) إنما أراد به السماع المعتاد الذي ينفع صاحبه، فإن هذا مثلٌ ضُرِبَ للكفار، والكفار تسمع الصوت، لكن لا تسمع سماع قبول بفقه واتباع، كما قال تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً} (٣) فهكذا الموتى الذين ضرب لهم المثل لا يجب أن ينفى عنهم جميع السماع المعتاد أنواع السماع كما لم ينف ذلك عن الكفار، بل قد انتفى عنهم السماع المعتاد الذي ينتفعون به، وأما سماع آخر فلم ينف عنهم وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن الميت يسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين، فهذا موافق لهذا، فكيف يدفع ذلك؟ " (٤).

وأما المازري فذهب إلى إنكار سماع الموتى، وجعل حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأهل القليب وإثباته لسماعهم إنما هو إحياء لهم ليسمعوا


= ببكاء أهله عليه ح ٩٣٢ (٦٦/ ٤٨٨).
(١) المفهم (٢/ ٥٨٥).
(٢) سورة النمل، الآية: ٨٠.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٧١.
(٤) الفتاوى (٤/ ٢٩٨).

<<  <   >  >>