للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يبين صحة هذا أن الأمر يوجب على المكلف أن يعتقد وجوب فعل تلك العبادة عند دخول وقتها والعزم على فعلها، ويصير بذلك مطيعاً، فإذا نسخت (١) عنه قبل دخول الوقت، فقد نسخت بعدما صار مطيعاً [١١٨/أ] ومثاباً شيء تضمنه حكم الأمر، فجاز ذلك، كما لو أمر بفعل عبادات ففعل بعضها، جاز نسخ الثاني، ولا فصل بين الأمرين. والمعتمد على الآية.

واحتج المخالف:

بأن الأمر بالعبادة يقتضي الأمر بالحسن، والنهي يقتضي القبح، فلو كان الأمر بالفعل قد دل على حسنه كان النهي عنه قبل مجيء وقته نهياً عن حسن، والنهي عن الحسن قبيح، كما أن الأمر بالقبيح قبيح، وهذا لا يجوز في صفات الله تعالى.

والجواب: أن الأمر يقتضي الحسن ما دام الأمر باقياً، فأما بعد زواله، فإنه يقتضي قبحه (٢) ، والأمر على هذا الوجه ورد، وهو أن الفعل يكون حسناً مع بقائه، ما لم يرد النسخ به، فإذا ورد خرج الفعل عن كونه حسناً، وليس يمتنع أن يكون الشيء الواحد حسناً إذا فعل على وجه، وغير حسن إذا فعل على وجه آخر كالصلاة إذا فعلت لله تعالى كانت حسنة، [و] إذا فعلت للشيطان كانت قبيحة، وفعلها في الحالين على صورة واحدة.

وقيل في جواب هذا: إن الأمر تعلق بمقدمات الفعل الذي تناوله ظاهر الأمر، كما نقول: إن الله تعالى لما نسخ التوجه إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، ولم يرد فيما زاد عليها، وإن كان ظاهر الأمر التأبيد، ولا يقال: إنه أراد أن يكون التوجه واجباً عليهم أبداً، ثم نسخه؛ لأنه يكون بداءً على الله تعالى.


(١) في الأصل: (نسخ) .
(٢) في الأصل: (نسخة) .

<<  <  ج: ص:  >  >>