وقد اختار المؤلف أن دلالته لغوية، وهو الحق إن شاء الله، وذلك لقوة أدلته التي أورد المؤلف بعضاً منها. ولمفهوم الموافقة تعريفات كثيرة، منها ما ذكره إمام الحرمين في كتابه البرهان (١/٤٤٩) ، حيث قال: (هو ما يدل على أن الحكم في المسكوت عنه موافق للحكم في المنطوق به من جهة الأوْلى) ، وهو تعريف مرض، إلا أن قوله (من جهة الأوْلى) يفيد اشتراط الأولوية في المفهوم الموافق، بمعنى: أن يكون المسكوت عنه أوْلى بالحكم من المنطوق به، كما مثل المؤلف بقوله تعالى: (فَلاَ تَقُل لهُمَا أف) فإن المنطوق به: تحريم التأفيف، والمسكوت عنه: تحريم الضرب ونحوه، ولاشك أن الضرب أوْلى بالتحريم من التأفيف. وقد اختلف الأصوليون فيما لو كان المسكوت عنه مساوياًَ للمنطوق به في الحكم، هل يعد مفهوم موافقة أو لا؟ مثل قوله تعالى: (إنَ الَّذِينَ يَأكلُونَ أموَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إنَّمَا يَأكُلُونَ في بُطونِهِمْ ناراً وَسيَصْلَوْنَ سَعِيراً) . فلو احرق مالُ اليتيم فإن ذلك مساوٍ للأكل في ضياع ماله. وهو ما يشعر به كلام المؤلف عندما مثل بتنصيف حد العبد الزاني؛ لأن الله تعالى =