للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حجة المخالف]

...

واحتج المخالف:

بأن لفظ الجمع موضوع للثلاثة فصاعدًا؛ فإخراج اللفظ عن الثلاثة إخراج عن موضوعه وترك الحقيقة، وهذا لا يجوز إلا بما يجوز به النسخ، ويكون بمنزلة إسقاط حكم جميع اللفظ.

والجواب: أنه يجوز عندنا ترك حقيقة اللفظ وصرفه إلى المجاز والاتساع بما يجوز التخصيص به، ولا يكون بمنزلة النسخ؛ وإنما يكون بمنزلة التخصيص، ولهذا نقول في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} ١، إن المراد به: موضع الصلاة٢، ونحمله على المجاز بضرب من الاستدلال.

وعلى أنه إذا وجب بناء بعض كلامه على بعض، وجب أن تكون


١ "٤٣" سورة النساء.
٢ هذا أحد الآراء، وقد اختاره ابن عباس وابن مسعود، وبه قال الإمام الشافعي، ويكون الكلام على تقدير مضاف، أي: لا تقربوا مواضع الصلاة، وذلك سائغ في لغة العرب، وقد جاء في القرآن الكريم، كقوله تعالى: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ} ، والمعنى: مواضع صلوات، التي هي المساجد.
وذهب فريق ثانٍ إلى أن المراد بالآية: الصلاة نفسها.
وذهب فريق ثالث إلى أن المراد بالآية: الصلاة وموضعها، لما بينهما من الملازمة.
راجع: "تفسير القرطبي": "٥/٢٠٢"، و"تفسير الفخر الرازي": "١٠/١٠٢-١٠٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>