فإن قيل: فيجب أن لا يسوغ خلاف ذلك؛ لأنه حينئذ يكون خلاف الإجماع، فلما ساغ، دل على أن ذلك لم يقتض الإجماع.
قيل: إنما سوغنا الخلاف فيما هذا سبيله، لأنا نعلم أنهم أجمعوا عليه، وإنما استدللنا عليه بخبر الواحد، وخبر الواحد لا يوجب العلم بما تضمنه.
[مسألة]
إذا قال الصحابي:[١٥١/أ] قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم] : كذا وكذا، حكم بأنه سمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويصير كما لو قال: سمعت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ، أو حدثني رسول الله [صلى الله عليه وسلم] .
وحكي عن أبي بكر ابن الباقلاني قال: لا أحكم بأنه سمع ذلك منه، بل يجوز أن يكون بينهما واسطة.
[دليلنا:]
أنه لما قال [قال] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا وكذا، أضاف القول إليه، وقطع على أنه قال، والظاهر من حال الإنسان أنه لا يقطع على الشيء ويطلقه إلا بعد أن يتحققه ويسمعه شفاهاً من قائله، فوجب حمل الأمر على ذلك، والحكم به.
واحتج المخالف:
بأنه قد يخبره بذلك العدد الكبير: فيقطع عليه، وإن لم يسمعه منه.
والجواب: أنه لو كان كذلك لكان بيّن الواسطه، ولا يطلق إضافة القول إليه، فلما أطلق كان الظاهر سماعه منه.