وذهب جماعة من أصحاب الحديث إلى أن ما انفرد به الواحد منهم كان مردوداً، وهذا أبداً في كتبهم: تفرد به فلان وحده، يعنون الرد بذلك.
وقد روي عن أحمد رحمه الله نحو هذا في رواية الأثرم وإبراهيم ابن الحارث والمروذي: إذا تبايعا فخير أحدهما صاحبه بعد البيع، فهل يجب؟ فقال: هكذا في حديث ابن عمر، قيل له: أتذهب إليه؟ قال: لا أنا أذهب إلى الأحاديث الباقية، الخيار لهما ما لم يتفرقا، ليس فيها شيء من هذا.
فقد اطّرح رواية ابن عمر بزيادتها؛ لأن الجماعة ما نقلوها، وإنما تفرد بها ابن عمر.
وقال في رواية أبي طالب: كان الحجاج بن أرطاة من الحفاظ، قيل له: فلم هو عند الناس ليس بذاك؟ قال: لأن في حديثه زيادة على حديث الناس، ما يكاد له حديث إلا فيه زيادة.
[دليلنا:]
أن الجماعة إذا نقلت حديثاً، وانفرد واحد منهم بزيادة لا تخالف المزيد عليه، كان كالمنفرد بحديث سواه ولو انفرد بحديث سواه كان مقبولاً فوجب أن تقبل هذه الزيادة.
فإن قيل: فقد رد أحمد رحمه الله مثل هذا، فإنه روى أن النبي صلى الله عليه [وسلم] قال: (من اعتق شرْكاً له في عبد، قوم عليه نصيب شريكه، ثم يعتق)(١) ، فانفرد سعيد بن
(١) هذا الحديث رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. أخرجه عنه البخاري في كتاب الشركة، باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل (٣/١٧٢) كما =