بأن الأمر يتعلق بمأمور، والمعدوم ليس بشيء يصح تعلق الأمر به.
والجواب: أن الأمر تعلق بمأمور وجد في الثاني، كما تعلقت الوصية بمن يحدث في الثاني، وكما تعلق الأمر بالعاجز لقدرة تحدث في الثاني.
واحتج: بأن الأمر إن كان إعلامًا يستحيل أن يوجد في المعدوم، وإن كان إلزامًا يستحيل أيضًا أن يلزم المعدوم الذي ليس بشيء.
والجواب: أنه أمر إلزام لمن يحدث في الثاني، كما قلنا في الوصية في العاجز.
واحتج: بأن الأمر لو تعلق بالمعدوم؛ لوجب أن يتعلق بالصبي والمجنون، لوجودهما، ويكون الأمر متعلقًا بالبلوغ والعقل، وفي اتفاق الجميع على امتناع ذلك دليل على امتناعه في المعدوم.
والجواب: أن كل من أجاز تكليف المعدوم بشرط بقائه؛ فإنه يقول: بأن الصبي والمجنون مأموران بشرط البلوغ والعقل، ولا فرق بينهما؛ وإنما معنى قول الأمة: إنهما غير مكلفين، وإن القلم مرفوع عنهما: رفع المأثم عنهما، ورفع الإيجاب المضيق.
ويمكن أن يكون قوله: رفع القلم عنهما بالخطاب والمواجهة؛ لأنه لا يصح مواجهتهما بذلك، لعدم علمهما بذلك، وقد ذكر أبو بكر بن الباقلاني هذا الجواب وحكاه عمن قال بخطاب المعدوم.
واحتج: بأنه لو جاز أمره الذي هو الإيجاب والإلزام، لجاز ذمه ولعنه وتسميته بأسماء المدح والذم.
والجواب: أنه إنما لم يوصف بذلك؛ لأنه ليس بإيجاب مضيق، وإنما يستحق الذم للتفريط، ويستحق المدح لوجود الفعل؛ فلم يتصفوا بذلك