للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فساد قول من فرق بين الأخبار والأوامر في صيغ العموم]

...

فصل: والدلالة على فساد قول من فرق بين الأخبار والأوامر

أن الطريق إلى إثبات أحدهما هو الطريق إلى الآخر؛ فالممتنع من أحد الأمرين؛ يلزمه الامتناع من الآخر، ألا ترى أن استعمال اللغة في الأمرين على وجه واحد، ورجوع الصحابة إلى أوامر الله تعالى وأخباره إلى ظاهر الخطاب، كرجوعهم في الآخر، فدل على أنه لا فرق بينهما.

ولأنه ثبت أن الله إذا أمر بلفظ عام؛ وجب حمله على العموم، كذلك إذا أخبر بلفظ عام؛ لأنه لا يجوز أن يخطابنا ويريد بخطابه غير ما وضع له في اللغة، ومتى لم يرد ذلك؛ دل عليه وبينه.

واحتج من فرق بينهما:

بأن الأوامر تكليف؛ فلو لم يعرف المراد به، لاقتضى تكليف ما لا يطاق، وليس كذلك الخبر عن الوعد والوعيد وغير ذلك؛ لأنه لا يقتضي وجوب شيء يحتاج أن يعلم به.

والجواب: أن الخبر إنما يخاطب به لفائدة كالأمر، وإن كان فائدتهما تختلف؛ ألا ترى أنه يزجر بالوعيد ويرغب بالوعد، وذلك يقتضي العلم بمراده بها، فالحال فيهما واحدة.

ولأن المقصود وإن اختلفت جهاته؛ فلا يوجب التفريق بين الأمرين، مثلًا اختلاف المقصود في الأوامر.

فإن قيل: الخبر لا يدخله نسخ ولا تخصيص، والأمر يدخله الأمران. قيل: هذا يؤكد ما قلنا؛ لأن الأمر لما جاز أن يقع فيه النسخ والتخصيص١،


١ في الأصل: "والحظر".

<<  <  ج: ص:  >  >>