للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مسألة (١)

فأما نسخ القرآن بالسنة من جهة العقل، فلا يمتنع جوازه.

واختلف أصحاب الشافعي: [١١٦/أ] فمنهم من أجاز ذلك عقلاً.

ومنهم من منعه، وقال: لا يجوز عقلاً ولا شرعاً.

فالوجه في جوازه عقلاً:

أن النسخ تعريف بقضاء مدة العبادة وإعلام سقوط مثل ما كان واجباً بالمنسوخ، وارتفاعه فيما يستقبل من الزمان، والمعرفة بذلك تقع بالسنة كما تقع بالقرآن.

والوجه لمن منع من ذلك:

أنه يؤدي إلى الارتياب بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يدل عليه قوله تعالى: (وَإذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَة وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إنّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ) (٢) فلما كان نسَخَ القرآن بالسنة يزيد في ارتيابهم بالنبي -صلى الله عليه وسلم - لم يجز نسخه: بل ينسخ بقرآن مثله؛ ليكون أقطع لشكوكهم، وأشد إبطالاً لدعاويهم.

والجواب: أن المشركين كانوا ينسبون النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الافتراء إذا بدلت آية بآية مكانها، وهكذا حكى الله عنهم، فلو كان فعلهم ذلك مانعاً من جواز نسخ القرآن بالسنة، لمنع أيضاً من جواز نسخ القرآن بالقرآن.


(١) راجع في هذه المسألة: "المسودة" ص (٢٠٢) ، و"التمهيد في أصول الفقه" الورقة (٩٧/ب-١٠٠/أ) ، و"روضة الناظر" مع شرحها: "نزهة الخاطر" (١/٢٢٤-٢٢٧) ، و"شرح الكوكب المنير" ص (٢٦٤) .
(٢) (١٠١) سورة النحل.
راجع في تفسير هذه الآية: "تفسير الطبري" (٤/١٧٦) طبعة الحلبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>