أن النسخ بيان مدة ما لم يرد مما وجب دخوله في إطلاق اللفظ، ويكون الرافع متأخراً عن وقت الفعل المأمور به، وهذان الشرطان مفقودان هاهنا؛ لأن القياس الذي يدل على الزيادة يقترن بالمزيد عليه، غير متأخر عنه، فلم يكن نسخاً.
ولأن النسخ هو: رفع الحكم وإزالته، والزيادة لا توجب رفع المزيد عليه، ألا ترى أنه إذا كان في الكيس مائة درهم، فزدت فوقها درهماً، أن ذلك لا يوجب رفع شيء مما كان في الكيس، فلا يوجب ضم الزيادة إليه مع بقائه.
وكذلك إذا فرض الله تعالى على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة، ثم فرض صوم شهر رمضان، فلا يكون فرض الصوم نسخاً للصلوات، كذلك هاهنا.
والذي يبين صحة هذا وأن النسخ هو الرفع والإزالة: قولهم: "نَسخت الشمسُ الظل، إذا أزالته"، و"نسخ الريحُ الأثرَ، إذا ذهب به وأزاله".
فإن قيل: وقد لا يكون عبارة عن الإزالة ألا ترى أنك تقول: نسخت الكتاب، وإن لم يزل، ما كان فيه من الكتابة؟
قيل: هذا مجاز واتساع، والحقيقة ما ذكرنا.
والذي يبين صحة هذا أن النسخ عندنا هو الإزالة، وعند مخالفينا هو تغيير الحكم، ونسخ الكتاب لا يوجد فيه شيء من ذلك، فعلم أنه مجاز.
ويدل علي جواز الزيادة بالقياس وبخبر الواحد، فنقول [١١٩/أ] كل جاز تخصيص الحكم به جاز الزيادة فيه، أصله القرآن والخبر المتواتر.