للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حجة المخالف]

...

واحتج المخالف:

بأن الله تعالى إذا علم من حال المكلف أنه١ سيحال بينه وبين ما أمر به، ولا يمكن من فعله؛ فإن فعله يستحيل وقوعه منه، وما يستحيل وقوعه لم يحسن الأمر به؛ ألا ترى أنه لا يحسن الأمر بصعود السماء، والمشي على الماء، وقلب العصا حية، وما يجري هذا المجرى مما يستحيل وقوعه من المأمور به؟

والجواب: أنه يبطل الأمر بالإيمان إذا حكم أنه لا يؤمن، فإنه يصح، وإن كان يستحيل وقوعه، كذلك ههنا.

وعلى أن الأمر بذلك لا يحصل فيه فائدة؛ لأن المقصود من الأمر تعريض المكلف لاستحقاق الثواب فيما يوقعه، فمتى علم عجز المكلف عن ذلك؛ لم يحصل له سكون النفس إلى فعل ما أمر به، فصار الأمر عبثًا، وهذا حصل من جهة سكون النفس واعتقاد وجوب الفعل، وتعذره بعد ذلك بسبب من جهة نية الآمر؛ فلهذا فرقنا بينهما.

وفيه فوائد، منها: إظهار أمره بذلك، وإقرار المأمور به بوجوب طاعته إن بقي، ولاعتقاده أن في أمره بذلك استصلاحًا له في غير ذلك الفعل، وتوطنة النفس على الطاعة في جميع ما يأمره، وليعرضه بذلك لثواب العزم على طاعته.


١ في الأصل: "أن".

<<  <  ج: ص:  >  >>