للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أصحاب أبي حنيفة: يبقى الحكم في جميع الفروع (١) ، وذكروا ذلك في مسألتين:

إحداهما وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنبيذ الذي كان مع عبد الله بن مسعود (٢) .

فقيل لهم: إنه كان نيئاً، ولا يجوز عندكم أن يتوضأ بالنبيذ النيء.

فقالوا: إذا ثبت بالنص جواز الوضوء بالنيء، لأنه ثمرة طيبة وماء طهور، وجب جوازه بالمطبوخ، لأن هذا المعنى موجود فيه، وقد نسخ حكم النيء وبقي حكم المطبوخ.

والمسألة الثانية: النية لصوم رمضان بالنهار، فرووا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه بعث إلى أهل العوالي (٣) يوم عاشوراء (٤) أن من لم يأكل


(١) هذا العزو إلى الحنفية غير محرر. فقد ذكر الكمال بن الهمام في كتابه "التحرير" (٣/٢١٥) مطبوع مع شرحه "تيسير التحرير" ما نصه: (ومبناه على المختار من أن نسخ حكم الأصل، لا يبقى معه حكم الفرع..) .
وقال صاحب "مسلم الثبوت" (٢/٨٦) مطبوع مع شرحه "فواتح الرحموت" (مسألة: اذا نسخ حكم الأصل لا يبقى حكم الفرع، وقيل: يبقى، ونسب إلى الحنفية) .
ثم عقب الشارح على كلامه هذا بقوله: (أشار إلى أن هذه النسبة لم تثبت، وكيف لا، وقد صرحوا: أن النص المنسوخ لا يصح عليه القياس، وسيجيء في شروط القياس أن من شروطه أن لا يكون حكم الأصل منسوخاً) .
ويلاحظ: أن الكمال بن الهمام نص في الموضع السابق على أن التسمية بالنسخ من عدمها انما هو خلاف لفظي، أو سهو من المخالف، إذ المؤدي واحد.
(٢) حديث وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بالنبيذ، سبق تخريجه ص (٣٤١) .
(٣) "العوالي": ضاحية من ضواحي المدينة المنورة.
(٤) "عاشوراء" هو: اليوم العاشر من شهر محرم، خلافاً لابن عباس رضي الله عنه في قوله هو اليوم التاسع منه، كما أخرجه عنه مسلم في صحيحه في كتاب الصيام، باب أي يوم يصام في عاشوراء؟ (٢/٧٩٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>