بأنه لما حسنت المطالبة بالدلالة على أن خبر التواتر يوجب العلم.
وحسنت إقامة الدلالة عليه علمنا أن العلم الواقع عنده اكتساب، وليس هو بضرورة.
والجواب: أن هذا باطل بالعلم بالمشاهدات، فإن السوفسطائية تطالبنا بالدليل على صحة ذلك؛ لأن ذلك عندهم ظن وحسبان، ومع هذا فقد أجمعنا نحن ومخالفينا على حصول العلم الضروري في ذلك مع حسن الدليل عليه، كذلك فيما حصل من جهة الخبر المتواتر.
واحتج: بأنه لا يقع العلم بخبرهم إلا على صفات تصحبهم يستدل بها على صدقهم، فدل على أنه من جهة الاستدلال، يدل على ذلك أن العلم بحدث الأجسام، لما وقع لأجل الصفات التي عليها الأجسام من اجتماع وافتراق وحركة وسكون كان العلم بها مكتسباً.
والجواب: أن العلم بصدقهم لا يفتقر إلى اعتبار صفاتهم ولا يستدل بذلك على صدقهم، بل نعلم صدقهم، ولهذا يخالف حدوث الأجسام، فإن العلم لا يقع به إلا بعد النظر والاستدلال باختلاف صفات معانيها.
واحتج: بأن العلم الواقع بأخبار الله وأخبار رسوله استدلالا غير ضرورة، كذلك خبر غيرهما.
والجواب: أنا عرفنا الله بأنه واحد صادق بالاستدلال، وإذا ورد الخبر من عنده قطعنا على صدقه استدلالا، وكذلك أخبار رسوله عليه السلام، لأن ثبوت نبوته من حيث الاستدلال وجبت بظهور المعجزات.