غيره فالمرجع إلى المسند، وما سماه مرسلاً، فليس بمرسل في الحقيقة.
وإن كان يقول: إن إسناد غيره يوجب قبول مرسَله، مع جواز أن يكون مرسلاً، فهو قول بعيد، إذا كان يمنع قبولَ المراسيل، ويلزمه أن لا يعتبر ظاهر أمره مع الجواز، كما لا يعتبر ظاهر تعديله مع جواز أن يكون غير عدل.
وقال أيضاً: المرسَل مقبول، فيمن وجد أكثر مراسيله أصول في الأسانيد.
وهذا أيضاً ليس بشيء؛ لأن وجود ذلك في أكثر مراسيله، لا يمنع أن يكون قد أرسل، فالواجب: أن يعتبر ذلك في كل خبر بعينه.
وقال أيضاً: المراسيل تقبل، إذا عمل بها بعض الصحابة.
وهذ ليس بشيء؛ لجواز أن يكون القائل قد سمعه بنفسه، أو يكون من مذهبه قبول المراسيل.
وقال أيضاً: المرسل يعمل به إذا أفتى به عوام العلماء.
وهذا أيضاً ليس بشيء؛ لأنه أراد جميع الأمة، وأن إجماعها على قبول المرسل، لا ركون مع اختلافهم في حكمه، وإنما الواجب: أن يكون بعضهم قبله؛ لصحة المراسيل عنده، والباقون، لأنه مسند عندهم، فيخرج أن يكون مرسلاً في الحقيقة.
فإن أرادوا (١) به أكثر العلماء، فإن خلاف الواحد معتدّ به، فلم يجز أن يستدل به على صحة قبول الخبر.
ولأنه قد قال في مراسيل ابن المسيب: إنها مقبولة، لأنه وجد مراسيله مسانيد، وهذا صحيح فيما قد وقف على أنه مسند، فأما ما لم يوقف على
(١) الأولى الخطاب بالإفراد، لأن الكلام لا زال مع الإمام الشافعي رحمه الله.