ورأيت بخط أبي حفص البرمكي تعليقاً على ظهر جزء، فيه "الرد على من انتحل غير مذهب أصحاب الحديث"، قال عبد العزيز: فقال: قراءتك على العالم، وقراءة العالم عليك سواء.
واحتج من قال لا يجوز ذلك:
بأن قول حدثني وأخبرني، ينبغي أن يكون المقروء عليه قد فعل الحديث والإخبار، وإذا لم يوجد منه ذلك، لم يجز للقارئ أن يقول: حدثني وأخبرني.
والجواب: أنا قد بينا أن قوله: "نعم" بمنزلة فعله الإخبار والحديث في الأصول.
واحتج: بأن جوابه في الاستئذان لأن يحدث عنه بنعم، أمر له بالحديث عنه، والأمر لا يكون خبراً عن المأمور به.
والجواب: أنه لا فرق عند هذا القائل بين أن يكون جوابه في الرواية عنه، وبين أن يكون جواباً في الاستفهام عن صحة ما قرىء عليه.
وقد بينا أن الجواب في الاستفهام بنعم، يقوم مقام الخبر به، إذا ثبت في أحد الموضعين أنه خبر وليس بأمر، ثبت في الموضع الآخر، لأن أحداً ما فرق بينهما.
فإن قرأ عليه وهو ساكت لم يقرّ به، فالظاهر أنه إقرار؛ لأن سكوته مع سماع القراءة رضى منه بما قرأه وأمضاه، فجاز أن يقول: أخبرني وحدثني، كما لو أقر به، والأحوط أن يقول له: هو كما قرأته عليك، أو قرئ عليك؟ فإذا قال: نعم، حَدّث به عنه.
فإن قال المحدث: أخبرنا فلان فهل يجوز للمستمع أن يروي عنه فيقول: قال حدثنا فلان، فيجعل مكان أخبرنا حدثنا، ومكان حدثنا أخبرنا؟ فيه روايتان: