للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأنه ليس يحتاج في إطلاق هذا الاسم إلى من قد روى الحديث عنه صلى الله عليه [وسلم] وأخفى العلم عنه؛ لأن جماعة من الصحابة قد امتنعوا من رواية الحديث، ولم يكن ذلك مانعاً من إجراء هذا الاسم عليهم.

يبين صحة هذا: أن دواعيهم كانت مختلفة، وكان بعضهم لا يرى الرواية، وكانوا يؤثرون الاشتغال بالجهاد على الرواية.

قال السائب بن يزيد: صحبت سعد بن أبي وقاص زماناً، فما سمعت منه حديثاً، إلا أني سمعته ذات يوم يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق، والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والراعي) .

وكذلك أخذ العلم منه لا يكون شرطاً في استحقاق هذه التسمية؛ لأن من اختص بغيره فإنه يطلق عليه أنه صاحب فلان، وان لم يأخذ منه العلم.

واحتج المخالف:

بأن عادة الأمة جارية بإطلاق هذا الاسم على من اختص بالنبي [صلى الله عليه وسلم] ، والمنع من إطلاقه على من لم يختص به، وإن كان قد رآه وسمع منه، كمن ورد عليه من الوفود والرسل (١) ومن يجري مجراهم، وإذا كان كذلك وجب أن يكون هذا الاسم جارياً على من اختص به الاختصاص الذي ذكرناه.

ويبين صحة هذا: أن العالم إذا كان له أصحاب يصحبونه ويلازمونه كانوا هم أصحابه، وإن كان في البلد من يلقاه ويستفتيه، فلا يكون من أصحابه، كذلك النبي صلى الله عليه [وسلم] أصحابه من صحبه دون من لقيه مرة.

والجواب: أن من يرد عليه من الوفود والرسل إن كانوا مؤمنين به


(١) في الأصل: (والرسلا) .

<<  <  ج: ص:  >  >>