للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب: أن خبر الجماعة أقوى في الظن، فكان تقديم الأقوى أولى، ويبطل بكثرة وجوه الشبه في أحد القياسين.

واحتج: بأن شهادة الشاهدين وشهادة الأربعة فأكثر سواء، ولا فرق بينهما، كذلك خبر الواحد وخبر الجماعة يجب أن يكونا سواء.

والجواب: أن الشهادة مخالفة للخبر؛ لأن شهادة الأعلم والأتقن وشهادة غيرهما سواء، والخبر يرجح بعلم الراوي وإتقانه.

ولأن العدد في الشهادة منصوص عليه، فكان ذلك وما زاد سواء، وليس كذلك الخبر، فإنه منصوص على العدد فيه، فكان الأكثر في العدد أولى؛ لأنه أقوى في الظن.

واحتج: بأن كثرة عدد المجتهدين، لا يوجب قوة اجتهادهم، كذلك كثرة عدد الرواة.

والجواب: أن العلم لا يقع باجتهاد المجتهدين أبداً دائماً، وإنما يقع العلم إذا أجمعوا على الحكم المجتهد فيه بإجماعهم دون اجتهادهم والعلم الواقع بخبر التواتر إنما يقع بخبر العدد المخصوص دون معنى سواه.

الثاني: أن يكون أحد الروايين أتقن وأعلم، فتكون روايته أولى؛ لأنه أولى بالضبط والحفظ من غيره، ومثاله أن مالكاً وسفيان أعلم وأتقن من زائدة (١) وعبد العزيز بن أبي حازم (٢) ، ومثل هذا كثير.


(١) هو: زائدة بن قدامة أبو الصلت الثقفي الكوفي. ثقة ثَبَت. روى عن إسماعيل السدي وحميد الطويل وغيرهما. وعنه ابن المبارك وأبو داود الطيالسي وآخرون.
مات سنة (١٦١هـ) .
له ترجمة في: "تذكرة الحفاظ" (١/٢١٥) ، و"تهذيب التهذيب" (٣/٣٠٦) ، و"الخلاصة" ص (١٢٠) . و"شذرات الذهب" (١/٢٥١) ، و"طبقات الحفاظ" ص (٩١) ، و"غاية النهاية في طبقات القراء" (١/٢٨٨) ، و"النجوم الزاهرة" (٢/٣٩) .
(٢) هو: عبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار أبو تمام المدني المخزومي بالولاء. =

<<  <  ج: ص:  >  >>