للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحتج: بأن القياس أمر خفي، يفتقر إلى استخراج واستنباط، وليس كل من كان من أهل الاجتهاد يقدر عليه.

والجواب: أنه كذاك، ولكن إذا كان خفياً كان الاهتمام به أشدَّ والعناية به أؤكد، فكان الإجماع عنه (١) أولى.

ألا ترى أن معرفة صيغة العموم أمر خفي، وكذلك الجمع بين الخبرين، واستخراج الحكم من بينهما، من حيث بناء أحدهما محلى الآخر، وهو أخفى من القياس وأدق، ومع هذا ينعقد الإجماع عنه ويصح، فانعقاده بالقياس أولى.

واحتج: بأن كل واحد منهم إذا قال في الحادثة قولاً عن قياس فهو يقول: يجوز لغيري أن يخالفني فيه. فإذا أجمعوا عليه، فقد أجمعوا على تجويز مخالفتهم، وإذا أجمعوا على تجويز مخالفهم بَعُدَ قول من قال: لا يسوغ خلافهم.

والجواب: أن كل واحد منهم يعتقد جواز مخالفته، ما لم يستقر إجماعهم على ذلك، فإذا استقر إجماعهم عليه، لم تسغ المخالفة، ولن يمتنع أن يخالف كل واحد منهم إذا انفرد، وإذا اجتمعوا لم يجز.

ألا ترى أن خبر الواحد تسوغ مخالفته، كذلك ها هنا، وإذا ثبت هذا وأنه [١٦٩/ب] ينعقد من طريق الاجتهاد، فإنه ينعقد عن القياس الجلي (٢) ، وعن القياس الخفي (٣) .

أما الجلي (٤) [فـ] نحو قوله تعالى: (فَلاَ تَقُل لّهُمَا أف) (٥) نصّ على التأفيف


(١) في الأصل: (منه) .
(٢) عرف المؤلف: القياس الجلي ص (١٣٢٥) من هذا الكتاب بأنه: (ما وجد معنى
الأصل في الفرع بكماله) . وسيأتي إن شاء الله تعالى.
(٣) عرف المؤلف بما سيأتي قريباً.
(٤) في الأصل: (الخفي) وهو خطأ ظاهر.
(٥) آية (٢٣) من سورة الإسراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>