للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: (فَإن تَنَازَغتُمْ في شَىْءٍ فرُدوهُ إِلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) (١) فمن قال: يرد إلى أهل المدينة، فقد ترك الظاهر.

وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أصحابي كالنُّجُوم، بأيهم اقْتَدَيتُم اهْتَدَيتُم) ، ولم يفصل بين أن يكونوا بالمدينة أو بغيرها.

وقوله: (أمتي لا تجتمعُ على خَطَأ) وظاهر الخبر يفيد كل الأمة إلى يوم القيامة، لكن علمنا أنه لم يرد ذلك، فثبت (٢) أنه أراد الأمة من كل عصر، وليس أهل المدينة أمته في العصر.

ولأنهم بعض الأمة، والخطأ جائز عليهم كما هو جائز على غير أهل المدينة.

ولأن حكم الإجماع لا يخلو أن يعود إلى فضيلة البقاع أو فضيلة الرجال في العلم، فإن اعتبرتم فيه فضيلة البقاع، فأهل مكة أحق به، وإن عاد إلى العلم، فعلي بن أبي طالب وابن مسعود وثلاثمائة ونيف من الصحابة انتقلوا إلى العراق من أهل العلم والدين، وليس من أقام بالمدينة بأعلم منهم.

ولأن ما قالوه يفضي إلى أن يكون قولهم حجة ما داموا في المدينة، فإذا خرجوا منها وغابوا إلى الشام والكوفة وغير ذلك من البلاد لا يكون حجة، وما أفضى إلى هذا سقط في نفسه؛ لأن الاعتبار بأقوال المجتهدين، لا بمكانهم.

ولأن ما كان حجة لله تعالى لا يختلف باختلاف الأزمان بدليل الكتاب والسنة، وقد ثبت [١٧٢/أ] أن إجماع أهل المدينة في هذا الوقت ليس بحجة (٣) ، فلم (٤) يجز أن يكون حجة فيما مضى.


(١) آية (٥٩) من سورة النساء.
(٢) في الأصل: (ثبت) .
(٣) أي عصر المؤلف، فكيف بعصرنا الحالي.
(٤) في الأصل: (لم) .

<<  <  ج: ص:  >  >>