وقد نصَّ أحمد -رحمه الله- على هذا في رواية بكر بن محمد فقال:"على الرجل أن يجتهد، ولا يقول لمخالفه: إنه مخطىء".
وأيضاً: لما لم يجز لأحد المجتهدين أن يأخذ بقول الآخر حتى تدل دلالة على صحة قوله، كذلك مثله في الصحابة.
فإن قيل: المعنى في الأصل: أنه ليس في قول المجتهد الآخر حجة، ولا نعلم أنه صواب، وأما قول الصحابي فإنه حجة.
قيل: إنما يكون حجة إذا انفرد ولم يعارضه غيره، فأما إذا خالفه غيره فليس بحجة.
وأيضاً: فإن قول كل واحد منهما ضد الآخر، وليس أحدهما بأولى بالتقديم من صاحبه، وإذا كان كذلك وجب أن يتعارضا فيسقطا، وإذا سقطا وجب الرجوع إلى الاجتهاد في ذلك.
واحتج المخالف:
بما تقدم، وهو: أنه إذا لم يحصل منهم الإنكار دل على كونه صواباً؛ لأنه لو كان خطأ لم يترك الإنكار.
والجواب عنه: ما تقدم.
واحتج: بأن الصحابة قد رجع بعضهم إلى قول بعض مع كون الجميع من أهل الاجتهاد.
كما روي عن عثمان - رضي الله عنه - أنه قبل قول معاذ في ترك رجم المرأة الحامل (١) .
(١) هذا الأثر أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الحدود، باب من قال: إذا فَجَرَت وهى حامل انتظر بها حتى تضع، ثم ترجم (١٠/٨٨) رقم (٨٨٦١) بسنده ولفظه (أن امرأة غاب عنها زوجها، ثم جاء وهي حامل، فرفعها إلى عمر، فأمر برجمها، فقال معاذ: إن يكن لك عليها سبيل، فلا سبيل لك على ما في بطنها، =