للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخين؟ فقال له علي: لا، إلاَّ على جهدي وطاقتي) . فخالفهما في ذلك.

فإن قيل: ليس هذا بخلاف؛ لأنه يجوز أن يكون عنده أنه أعلم منهما، فلهذا لم يتبعهما؛ وكان عند عثمان أنهما أعلم منه، فأجاب إلى اتباعهما.

قيل: الخلاف قد ظهر منهما، وما ذكره المخالف من هذا الاحتمال يحتاج إلى دليل.

وأما قول عمر: (إني رأيت في الجد رأياً فاتبعوني) ، فلا حجة فيه؛ لأنه إنما يصح التعلق به إذا ثبت أن عمر دعاهم إلى اتباعه؛ لاعتقاده أنه أعلم منهم.

وهذا المعنى ليس في الخبر [١٨٥/أ]

وعلى أن معناه: اتبعوني بالدليل الذي قام عندي.

وقول عثمان: (إن نتبع رأيك فرأيك رشيد) ، أي: [له] وجه في الأصول وتَعَلُّق بها (وإن نتبع رأي من قبلك، فنعم ذو (١) الرأي) ، لما دلَّ عليه من الدليل، فإذا احتمل هذا لم يجز حمله على التقليد.

وأما قول عمر لعلي: (عزمت عليك لتقسمنها على قومك. إنما قاله؛ لأن اجتهاده أدى إلى صحة ما قاله، فكان ذلك قولاً بالدليل.

واحتج: بأن العالم إذا رأى اجتهاد غيره أقوى من اجتهاد نفسه كان تقليده إياه ضرباً من الاجتهاد، فلما كان له أن يحكم في الحادثة بما يؤديه إليه اجتهاده، كذلك يجوز له أن يقلد غيره فيها (٢) إذا كان اجتهاده أوثق عنده من اجتهاد نفسه.

والجواب: أنه لو كان جواز تقليده مما ذكرته من أن اجتهاد غيره أقوى لوجب أن لا يجوز له أن يترك تقليده، ولا يعمل على اجتهاد نفسه، كما أنه


(١) في الأصل: (ذي) .
(٢) في الأصل: (فيهما) .

<<  <  ج: ص:  >  >>