للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بخلافه، مثل شكر المنعم، واستقباح الظلم، يجب في العقل شكر المنعم واستقباح الظلم، فلما ثبت أنه يجوز أن يرد الشرع بخلاف ما اقتضاه العقل بطل أن يكون ذلك بالعقل حاظراً أو مبيحاً.

والجواب: أنه كذلك فيما يعرف ببدائه العقول وضرورات المعقول، كالتوحيد، وشكر المنعم، وقبح الظلم، فأما ما يعرف بثواني العقول استنباطاً واستدلالاً فلا يمنع أن [١٨٨/أ] يرد الشرع بخلافه؛ لأنا قلنا [هي] على الحظر، وجوزنا أن يكون على الإباحة أو على الوقف، ولكن كان هذا عندنا أظهر، فصرنا إليه، فإذا ورد الشرع كان أولى مما (١) عرفناه استدلالاً مع تجويز غيره.

يبين صحة هذا: أن ذبح الحيوان يحظره العقل، وقد ورد الشرع بإباحته.

والزنا يبيحه العقل كالنكاح، والشرع قد حظره.

وعلى أن ورود الشرع بالإباحة إذن في التصرف، وحصول الإذن في الثاني لا يمنع حظراً متقدماً، بدليل طعام الغير هو محرم عليه، وإذا أذن فيه أبيح، ولم يمنع ذلك من حظر قبله، كذلك ها هنا.

واحتج بأن كونه حراماً لا يخلو إما أن يكون لعينه، أو لمعنى.

فبطل أن يكون لعينه؛ لأنه لو كان ذلك لعينه لما انقلب عنه إلى غيره.

وبطل أن يكون لمعنى؛ لأن الشرع يرد بإباحته، فلا يجوز أن يحظره. مع بقاء معنى الإباحة.

فإذا بطل الأمران ثبت أنه لا يصح أن يقال: مباح.

والجواب: أنه محظور لمعنى لا لعينه، ولا يمتنع ورود الشرع بخلافه، فيزول ذلك المعنى، كما قلنا في فروع الدين واجتهاد الأنبياء، يجتهدون في الحكم، ثم (٢)


(١) في الأصل: (ما) .
(٢) في الأصل: (لم) ، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>