للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفضة في غير الشراب (١) : بأن الأصل فيها الإباحة، وقد ورد الشرع بتحريم الشرب، فوجب أن يبقى ما عداه على التحليل.

فقيل له: مذهب داود: أن هذه الأشياء في العقل موقوفة على ما يَرِد به الشرع (٢) .

فإذا كان كذلك لم يجز إثبات إباحتها بهذا الطريق.

ولا تكون إباحتها لعدم دليل شرعي أولى من حظرها.

ونظرتُ في هذه المسألة لبعض شيوخ الكرَّامية، وذكر فيها كلاماً لخصته على ما أذكره، واختار أن الأشياء على الإباحة قبل ورود الشرع وبعد وروده.

واستدل (٣) على أنها على الإباحة قبل الشرع بأشياء:

منها: أن العبد محتاج إلى هذه المنافع، وله فيها نفع من غير ضرر يلحقه عاجلاً ولا آجلاً، فوجب أن يكون ذلك مباحاً له.


(١) غير الشراب، يعني: بقية الاستعمالات بما فيها الأكل، وهو رأي داود، كما، نقل ذلك الشوكاني في كتابه نيل الأوطار (١/٨٣) .
والذي صرَّح به ابن حزم في كتابه المحلى في باب الآنية (٢/٣٠٣) أن الوضوء والغسل، والشرب، والأكل في آنية الذهب والفضة حرام.
(٢) هذا رأي الظاهرية، كما نقلناه عن ابن حزم في الإحكام في أول المسألة.
ولكنه يتناقض مع ما عزاه المؤلف للظاهرية، فإنه حكى عنهم في أول المسألة: أنهم يقولون بالإباحة.
وفي اعتقادي: أن الظاهرية يقولون: إن الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع لا حكم لها أصلاً، لا إباحة ولا حظراً.
ولكن بعد ورود الشرع يكون حكم العين المنتفع بها التي لم يتعرض لها دليل خاص الإباحة. والله أعلم.
(٣) يحتمل أن يكون هذا كلاماً مستأنفاً، ويحتمل أن يكون مرتبطاً بما قبله، ويكون فاعل (استدل) هو: (بعض شيوخ الكرَّامية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>