للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يَرِد الشرع بحظر ما لم يكن له في العقل منزلة في القبح، نحو الأكل والشرب، والتصرف الذي لا ضرر على فاعله في فعله في ظاهر أمره، فالواجب أن تجريَ أحكامُ الأفعال على منازلها في العقل.

فإما أن يكون قبيحاً في العقل، فيمتنع منه.

أو يكون واجباً في العقل، فيلزم أمرُهُ، ويجب فعلُه.

أو أن يكون حسناً ليس بواجب، فيكون الإنسان مخيراً بين أن يفعله وبين أن لا يفعله، من [نحو] (١) اكتساب المنافع بالتجارات وما في معناها.

فإذا ورد السمع فيما الإنسان فيه مخير كشَفَ السمعُ عن حالِه، وبيَّن أمرَه، فإما أن يدخله في جملة الحسَن الذي يجب فعلُه، أو في جملة القبيح الذي لا يجوز فعلُه (٢) .

وهذا من كلام أبي الحسن يقتضي أن العقل يُوجب ويُقَبِّح.

وقد ذكرنا في الجزء الأول من المعتمد (٣) خلاف هذَا، وحكينا [في] هذه المسألة خلاف المعتزلة.

وبينَّا قول أحمد -رحمه الله- في رواية عبدوس بن مالك: "ليس [في] السُّنة قياس، ولا يضرب لها الأمثال، ولا تدرك بالعقول، إنما هو [١٩٠/ب] الاتباع".


(١) الزيادة من المسودة ص (٤٨١) .
(٢) كلام أبي الحسن منقول بنصه في المسودة ص (٤٨٠-٤٨١) .
(٣) كتاب "المعتمد" مفقود، وإنما يوجد مختصر له، كتب عليه المعتمد، ولكن كلام المولف في داخل الكتاب ينص على أنه مختصر من كتاب "المعتمد"، والمختصر مطبوع في بيروت بنشر دار المشرق بتصحيح الدكتور وديع حداد.
والكلام الذي يشير إليه موجود باختصار ص (٢١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>