للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحتج المخالف:

بأن من ادعى النبوة وجب عليه إقامة الدليل، ومن أنكرها ونفاها من الناس لم يجب عليه الدليل؛ لأن المدعي للنبوة مثبت (١) والمنكِر ناف.

وهكذا ورد الشرع، فإنه جعل على المدعي البينة دون المدعي عليه؛ لأن المدعي مثبت، والمدعي عليه ناف.

والجواب: أن النافي للنبوة ينظر فيه:

فإن كان نافياً لعلمه بأن يقول: أنا لا أعلمُ صدقَه ولا كذِبَه، ويجوز أن يكون صادقاً، ويجوز أن يكون كاذباً، فهذا لا دليل عليه، لأنه شاك غير مدعٍ نفياً ولا إثباتاً.

وإن كان يقطع بنفيه وتكذيبه في دعواه، وجب عليه إقامة الدليل.

وطريق الدليل فيه: أن يقول: لا يبعث الله رسولاً إلا بمعجزة تدل على نبوته وحجة تكشف عن صدقه، فإذا لم تكن معجزة تدل على ما يدعيه دل على كذبه وبطلان دعواه.

وأما المدعى عليه فإنه يقطع بالنفي وعليه الدليل، ولهذا يلزمه اليمين بالله تعالى، إلا أن المدعى عليه معه ظاهر يدل على صدقه من براءة الذمة إن كان المدعى عليه دَيْناً، ومن ثبوت يده وتصرفه إن كان المدعى عليه عيْناً، فجعل [١٩٣/أ] ، في جنبة المدعي أقوى السببين؛ لأنه لا ظاهر معه يدل على صدقه. ن (٢) .


(١) في الأصل: (يثبت) .
(٢) هكذا ذكر المؤلف في المسألة ثلاثة آراء، واستدلَّ للراجح عنده بدليلين، ولم يورد عليهما اعتراضات المخالف، ثم احتج للرأي الثانى بدليل واحد واعترض عليه. أما الرأي الثالث فلم يستدلّ له. وكان من المناسب أن يستدل ولو بدليل واحد ليعلم منه منطلق أصحاب هذا القول.
إذا علمت هذا ففى المسألة أقوال كثيرة، أوصلها الشوكاني في كتابه: إرشاد الفحول ص (٢٤٥) إلى تسعة آراء، إلا أنه لم يستدل لأكثرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>